الداروينية و أنا

جذبتني تلك الفكرة من ايام طفولتي،لم اجد من يفسرها لي مثل اليوم بعد أن حيكت حولها افكار تسخر منها وترمي من يعتنقها بالكفر والجنون.
لكن الفضول البشري كان اقوى من فتاوى الجهل والتخلف.
قبل اربع سنوات و بعد بدأ دراستي لعلم (التشريح المقارن) و الانسجه لتخصصي في الطب البيطري،أطلاعي على العشرات من العينات التشريحية والنسيجية التي تتطابق مع بعضها رغم أختلاف أنواع الحيوانات التي اخذت منها.(يتناول الطب البيطري دراسة تشريحية ونسيجيه وفسلجية وتكاثرية وكيميائية للثديات والاسماك والطيور وامراضها وعلاجها).


اصابني الاستغراب حينما وجدت أن الثديات مع بعضها لديها تشابه و تطابق تام في بعض الاحيان(وكذلك الاصناف الاخرى)، تطابق النمو الجنيني وتشكلة في المراحل الاولى من الحمل، عدد عظام الهيكل العظمي لكل نوع وشكله وتركيبة، الطبقات النسيجيه التي نتكون منها، حتى التركيب الكيموحيوي للخلية الحيوانية و الهرمونات،والفيسولجيا التي يعمل بها الجسد العضوي. جعلني اتأمل بعيدا عما لقنت به منذ طفولتي.
محتار و باحثا عن اجابات لأسئلة انطلقت بعد تيقني بأن الانسان ليس هذا الكائن الارقى الذي يظن نفسه!وهو لايختلف شيء الكثير عن بقرة او قط او اي كائن ثدي أخر،
كل الكائنات التي امامنا هي متطورة من اسلاف مشتركة مع بعضها البعض وهي كلها من اصل واحد في رحلة طويلة عمرها ملايين السنين من التطور والانتخاب الطبيعي والصراع للبقاء،
أختفت تلك النظرة الفوقية للحيوانات، نحن او هم لانختلف شيء،كل ماهو مختلف فينا هو اننا نجيد التفكير. طورت جيناتنا حجم الدماغ لدينا مما انتج عندنا الذكاء التفكير وحينما اصبحنا اكثر ذكاء، طورت السمكة قدرتها على السباحة، او الطير على الطيران.ربما نجد انفسنا مسؤولين عن هذا الكوكب او نحن مفكرين الطبيعة وعقلها في هذا الكوكب، هذا لايعني ان هنالك وجود لعرق او جنس ل ارقى وأدني من أخر،كلنا شركاء ومتساوون في هذا الكوكب الصغير.
كانت رحلة مؤلمة نفسيا وفكريا،خمسة عشر عاما من التلقين الديني من قبل المجتمع والمدرسة سقطت في عامين بالتدريج، اكوام من القناعات المقدسه التي تحرك المجتمع البشري الذي اعيش وسطه وجدتها مجرد وهم او كذبات بيضاء غير مقنعه بتاتا.
كانت رحلة مؤلمة لمعانقة الحقيقة العلمية رغم مرارتها وسوداويتها، حجر بعد حجر، صنم بعد صنم، انتهت بالتأكد من الاصل البشري ومن اين جاء كل هذا من اين تولد الاخلاق والافكار، من نحن واين نعيش، وعرفت الاجابة الاهم وهي من انا في هذا الكوكب!.


مصطفى الصوفي

مغامرة العقل

تعليقات

  1. المشكله فعلا انها رحله مؤلمه نفسيا وفكريا .. حتى بعد ما تستقر على افكارك تظل في حصار مجتمع غير واعى بما ادركته انت :(

    ردحذف
    الردود
    1. انا اشعر بالحرية والسعادة والمتعة الكبيرة ...
      لم اعد اشعر بالخوف من شيء ..
      مملوء بالحب وبالسلام

      حذف

إرسال تعليق

التعليق ضروري لاهمية مشاركة الاخرين وجهة نظر وافكار وان كانت لا تتفق معنا , الصمت ليس علامة الموافقة دائما فلا تحرمنا من فرصة الاستفادة منك للاضافة تنقيح افكارنا من الخطأ الذي قد نقع به ويقع به الاخرين حينما يطلعون على افكارنا , فلا تكن بخيلاً بتعليق لن ياخذ منك سوى دقيقة سواء اتفقت ام اختلفت معنا .

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

اصل الارهاب في علم الاحياء

رمضان

كَمَـان وشمعـدان